أكد محمد عارف، رئيس الجمعية المصرية الإفريقية لصناعة الرخام والجرانيت، على أهمية التنسيق الضريبي العربي كضرورة ملحة في ظل التحولات الاقتصادية العالمية الجديدة، مشدداً على أن هذا التنسيق سيسهم في دعم اقتصادات الدول العربية ويجنبها الآثار السلبية للمنافسة الضريبية. ولفت إلى أن التنسيق الضريبي يمكن أن يساعد الدول العربية في جذب الاستثمارات الضرورية لدعم النمو الاقتصادي والاستفادة من تكاملها الإقليمي.
ضرورة التنسيق الضريبي العربي
أوضح عارف أن التنسيق الضريبي العربي أصبح حتمياً، خصوصاً في ضوء اتجاه معظم الدول نحو التكامل الإقليمي لتعزيز التعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك تحرير حركة السلع وتسهيل انتقال رؤوس الأموال وعوامل الإنتاج، وكذلك التنسيق في المعايير التقنية والسياسات الاقتصادية.
وبيّن أن التنسيق الضريبي يسهم في خلق بيئة تنافسية عادلة بين الدول الأعضاء ويقلل من ظاهرة “المنافسة الضريبية الضارة”، التي تحدث عندما تتسابق الدول في تقديم إعفاءات ضريبية سخية بشكل قد يضر بمصالحها.
وأضاف عارف أن المنافسة الضريبية غير المتناسقة تؤدي إلى توجه الدول نحو تخفيض ضرائبها أو منح إعفاءات واسعة، ما يعرض الاقتصادات الوطنية لخسائر قد لا تكون في مصلحتها على المدى الطويل.
ولذلك، فإن التنسيق الضريبي بين الدول الأعضاء في التكامل الإقليمي يسهم في تجنب هذه المنافسة الضارة ويوفر بيئة مستقرة للاستثمارات، بما يعزز رفاهية الشعوب العربية ويدعم النمو الاقتصادي.
تعزيز الجهود العربية في مواجهة تحديات النظام الضريبي العالمي
جاءت تصريحات عارف على هامش مشاركته في ورشة عمل بعنوان “النظام الضريبي العالمي الجديد وأهمية التعاون الضريبي العربي”، التي نظمها “اتحاد خبراء الضرائب العرب”. وأوضح أن الورشة ركزت على التحديات التي يواجهها النظام الضريبي العالمي الجديد، خاصةً مع تطور الاقتصاد الرقمي وتطبيقاته المتنوعة، حيث يتطلب هذا التطور نماذج ضريبية جديدة تتماشى مع متطلبات الاقتصاد الرقمي. وأشار إلى أن هذه الورشة تأتي ضمن جهود الاتحاد لتعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية، بما يمكنها من مواجهة التحديات الضريبية العالمية بفعالية.
محاور ورشة العمل وأبرز المشاركين
استعرضت ورشة العمل مجموعة من المحاور الهامة، حيث تناولت أولاً النظام الضريبي العالمي الجديد وكيفية تبني منهجيات ضريبية ملائمة له، كما ناقشت التحديات والقضايا المرتبطة بهذا النظام وآثارها على الدول العربية.
وتطرقت الورشة إلى تطبيق المعايير الدولية المتعلقة بالضرائب وتحديات تطبيقها في البلدان العربية، خاصة مع التطور السريع للاقتصاد الرقمي الذي يغير ملامح الأعمال التقليدية بشكل متسارع. كما ناقشت الورشة أهمية التعاون الضريبي العربي لمواجهة التحديات المتزايدة التي تفرضها العولمة الاقتصادية.
شارك في الورشة عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم السفير محمدي أحمد الني، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية، والدكتور عبدالهادي مقبل، رئيس اتحاد خبراء الضرائب العرب، والدكتور عيسى الشريف، الأمين العام لاتحاد خبراء الضرائب، بالإضافة إلى مجموعة من خبراء الضرائب الدوليين والإقليميين.
وقد تبادل المشاركون الآراء حول سبل تحقيق التنسيق الضريبي العربي بما يتناسب مع التغيرات في النظام الضريبي العالمي.
خطوات نحو التنسيق الضريبي العربي المتكامل
شدد محمد عارف على أهمية اتباع نهج تدريجي لتحقيق التنسيق الضريبي العربي. وأوضح أن تحقيق هذا التنسيق على النطاق الضيق، من خلال إزالة العوائق الضريبية بين الدول، يجب أن يكون الخطوة الأولى قبل الانتقال إلى التكامل الضريبي الكامل. وأشار إلى أن التنسيق الضريبي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتنسيق السياسات النقدية، ويعد جزءاً من التعاون المالي بين الدول العربية، حيث يسهم في تحقيق أهداف التكامل الإقليمي.
وأكد عارف أن التنسيق الضريبي بين الدول العربية يسهم في توحيد الجهود لمواجهة التحديات المالية العالمية، ويعزز قدرة الدول العربية على التفاوض على الساحة الدولية ككتلة متكاملة، مما يمكنها من حماية مصالحها الاقتصادية وجذب الاستثمارات التي تدعم الاقتصاد المحلي.
أهمية تكييف النظم الضريبية مع الاقتصاد الرقمي
أشار عارف إلى أن النظم الضريبية الحالية بحاجة إلى تحديث وتكييف مع التطورات الحديثة للاقتصاد الرقمي، لضمان تحقيق العدالة الضريبية وتوزيع الأعباء بشكل عادل.
ولفت إلى أن الأنماط الجديدة للأعمال، مثل التجارة الإلكترونية والعمل الحر عبر الإنترنت والمدفوعات الرقمية، تفرض تحديات جديدة تتطلب من النظم الضريبية المرونة لمواكبة هذه التغيرات.
وأوضح عارف أن هذه التغيرات تتطلب من الدول تحديث قوانينها الضريبية لتتماشى مع الاقتصاد الرقمي، وتجنب ضياع الإيرادات الناتجة عن الصفقات الرقمية غير المسجلة ضريبياً. وأضاف أن العمل على تكييف النظم الضريبية مع الاقتصاد الرقمي يتيح للدول العربية الاستفادة من التحولات التقنية، ويحقق التوازن بين تشجيع الابتكار الرقمي وضمان تحصيل الإيرادات الضريبية.
توصيات لتحقيق التكامل الضريبي العربي
اختتم محمد عارف حديثه بتقديم عدد من التوصيات التي تسهم في تحقيق التكامل الضريبي العربي بشكل فعال، من بينها:
1. إقامة إطار قانوني موحد: ضرورة وضع إطار قانوني موحد ينظم التعاون الضريبي بين الدول العربية، بما يسهم في تسهيل تبادل المعلومات الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي.
2. الحد من المنافسة الضريبية الضارة: التعاون لمنع المنافسة الضريبية التي تؤدي إلى استنزاف الموارد المالية للدول العربية، وضمان استقرار النظام الضريبي.
3. تطوير قاعدة بيانات مشتركة: إنشاء قاعدة بيانات مشتركة تضم المعلومات الضريبية للشركات العاملة في الدول العربية، بهدف تسهيل عملية الرقابة الضريبية وتقليل المخاطر المرتبطة بالتهرب الضريبي.
4. التعاون في تحديث القوانين الضريبية: تبادل الخبرات بين الدول العربية في مجال تحديث القوانين الضريبية، لتواكب الاقتصاد الرقمي وتضمن تحصيل الإيرادات من الأنشطة الاقتصادية الجديدة.
5. دعم التوعية بأهمية التكامل الضريبي: تنظيم حملات توعوية لتوضيح أهمية التكامل الضريبي للمجتمع، وتأثيره الإيجابي على النمو الاقتصادي واستقرار النظام المالي.
الخاتمة
أكد محمد عارف، رئيس الجمعية المصرية الإفريقية لصناعة الرخام والجرانيت، على أهمية التحرك نحو التكامل الضريبي العربي كخطوة استراتيجية لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية. وأوضح أن التكامل الضريبي بين الدول العربية لا يهدف فقط إلى تحسين البيئة الاستثمارية، بل يسعى أيضاً إلى تحقيق العدالة الضريبية وضمان استدامة الإيرادات للدول الأعضاء.
واختتم عارف حديثه بالتأكيد على أن العمل على التنسيق الضريبي العربي يجب أن يكون جزءاً من رؤية شاملة نحو التكامل الاقتصادي العربي، لتعزيز مكانة المنطقة العربية في النظام الاقتصادي العالمي، وتحقيق التنمية المستدامة لشعوبها.