عقدت غرفة الصناعات الهندسية برئاسة المهندس محمد المهندس اجتماعًا موسعًا في مقر هيئة التنمية الصناعية، بحضور الدكتورة ناهد يوسف رئيس الهيئة، وذلك لمناقشة التحديات التي تواجه توطين وتنمية صناعة بناء وإصلاح السفن في مصر، بالإضافة إلى استعراض سبل دعم القطاع الخاص والاستثماري في هذا المجال الحيوي.
مشاركة واسعة من ممثلي القطاع الخاص
شارك في الاجتماع مجموعة من ممثلي القطاع الخاص والشركات المعنية، منهم المهندس عبدالصادق عبدالرحيم مستشار الغرفة للشؤون الفنية، واللواء المهندس إبراهيم الدسوقي رئيس شعبة بناء وإصلاح السفن، والمهندس عادل نصير نائب رئيس الشعبة، وعدد من أصحاب الترسانات وشركات القطاع الخاص، بالإضافة إلى حضور المهندس علاء صلاح الدين مستشار رئيس الهيئة وعدد من قيادات الهيئة.
أهمية صناعة السفن عالميًا وحصة مصر
استعرض الاجتماع أهمية صناعة بناء وإصلاح السفن على المستوى العالمي، حيث تصل قيمتها السنوية إلى نحو 200 مليار دولار، بينما تبلغ حصة مصر أقل من واحد في الألف. رغم الميزات التنافسية الكبيرة التي تمتلكها مصر، مثل قناة السويس التي مر عبرها في العام الماضي نحو 28,000 سفينة، بما يعادل 15% من حجم التجارة البحرية العالمية، فضلًا عن توافر العمالة الماهرة وقلة تكلفتها.
تاريخ طويل ومستقبل واعد لصناعة السفن في مصر
أوضح المهندس محمد المهندس أن مصر تمتلك تاريخًا طويلًا في صناعة السفن، حيث يعمل حاليًا حوالي 120 ترسانة وشركة موزعة على السواحل المصرية وعلى شواطئ نهر النيل والمياه الداخلية. وأضاف أن هذه الصناعة تُعد كثيفة العمالة وتحتاج إلى استثمارات كبيرة، كما تنمو بجانبها العديد من الصناعات المغذية والمساعدة.
تحديات الصناعة والحلول المقترحة
أكد اللواء إبراهيم الدسوقي على ضرورة تكاتف الجهود لتوطين وتنمية صناعة بناء وإصلاح السفن كجزء من صناعة النقل البحري. وأشار إلى أن التحديات التي تواجه هذه الصناعة تشمل تعدد جهات الولاية على الأراضي المقامة عليها الترسانات والشركات، وعدم تقنين أوضاعها مما يعيق أي تطوير. بالإضافة إلى غياب المناطق الصناعية المخصصة لبناء وإصلاح السفن.
دعم حكومي لتطوير الصناعة
من جانبها، أكدت الدكتورة ناهد يوسف رئيس هيئة التنمية الصناعية على اهتمام الدولة بتوطين الصناعات المختلفة، بما فيها صناعة السفن، وتعزيز دور القطاع الخاص في هذا المجال للحد من الاستيراد وتشغيل العمالة المحلية. وأعربت عن استعداد الهيئة لتقديم الدعم اللازم وتذليل العقبات أمام الشركات العاملة في هذا المجال بالتعاون مع اتحاد الصناعات المصرية.
نماذج ناجحة وتطلعات مستقبلية
عرض اللواء الدسوقي نماذج متميزة من السفن السياحية واليخوت وسفن الصيد التي يتم إنتاجها محليًا، والتي تُصدر أيضًا إلى دول إفريقية وعربية. وأوضح أن هناك تواجدًا ملحوظًا للشركات المصرية في تلك الدول لإنشاء ترسانات جديدة ونقل الخبرة المصرية في هذا المجال.
مؤتمر موسع لتعزيز صناعة السفن في مصر
خلص الاجتماع إلى ضرورة استمرار التنسيق والتعاون بين مختلف الجهات لعقد مؤتمر موسع يشمل جميع الأطراف الفاعلة في هذه الصناعة. يهدف المؤتمر إلى وضع توصيات وخطة عمل محددة للنهوض بصناعة بناء وإصلاح السفن في مصر بما يتناسب مع التاريخ والموقع الاستراتيجي للبلاد.
خلفيات تاريخية حول صناعة السفن في مصر
تُعد صناعة السفن في مصر جزءًا أصيلًا من التاريخ المصري الممتد لآلاف السنين، حيث لعبت هذه الصناعة دورًا محوريًا في الاقتصاد والنقل البحري منذ عهد الفراعنة. فقد اشتهرت الحضارة المصرية القديمة بقدرتها على بناء سفن قوية ومتقدمة تكنولوجيًا، استخدمت في التجارة والحروب والاكتشافات البحرية. وكانت السفن المصرية القديمة تستخدم في رحلات طويلة إلى بلاد الشام والنوبة والبحر الأحمر، مما ساعد على تعزيز مكانة مصر كقوة بحرية وتجارية على مر العصور.
وفي العصر الحديث، تعزز دور مصر كمحور بحري عالمي بفضل موقعها الاستراتيجي على البحر المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى قناة السويس التي تعد واحدة من أهم الممرات المائية في العالم. قناة السويس لم تكن فقط شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية، بل أيضًا دافعًا لتطوير صناعة بناء السفن، حيث تمر عبرها آلاف السفن سنويًا. ومع وجود هذا الممر، أصبحت مصر مركزًا مهمًا لصناعة وإصلاح السفن التي تعمل على نقل البضائع بين القارات.
تحديات الصناعة في مصر
رغم أن مصر تمتلك كل المقومات الجغرافية والبشرية لتكون رائدة في صناعة السفن، إلا أن هذه الصناعة تواجه تحديات متعددة. من أبرز هذه التحديات هو تعدد الجهات الحكومية المسؤولة عن إدارة الأراضي الساحلية والأنهار، مما يعوق الشركات الخاصة في الحصول على تصاريح لبناء الترسانات البحرية. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الشركات من قلة المناطق الصناعية المتخصصة التي يمكن تخصيصها لهذا الغرض، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على قدرة مصر على جذب الاستثمارات المحلية والدولية في هذا القطاع.
العديد من الترسانات والشركات تعمل بدون سجل صناعي أو تراخيص رسمية، مما يشكل عقبة أمام تطوير هذا القطاع. هذا بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية في بعض المناطق الساحلية والنهرية، والتي تحتاج إلى تحسينات مستمرة لدعم عمليات بناء وإصلاح السفن.
التعاون بين القطاعين العام والخاص
على الرغم من هذه التحديات، فإن هناك جهودًا حكومية واضحة لدعم الصناعة من خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص. وفي السنوات الأخيرة، بدأت الدولة في تنفيذ مبادرات تهدف إلى تطوير البنية التحتية البحرية، بما في ذلك تحديث الموانئ المصرية وإطلاق شراكات مع شركات دولية لتطوير الأساطيل التجارية المصرية. هذه الجهود من شأنها أن توفر بيئة محفزة للاستثمار في صناعة السفن، بالإضافة إلى تمكين القطاع الخاص من النمو والتوسع في هذا المجال.
كما أن الدولة تسعى جاهدة لدعم سياحة اليخوت، والتي تعد جزءًا مهمًا من الاقتصاد البحري، حيث يجذب هذا القطاع شريحة واسعة من السياح المهتمين بالترفيه البحري. وتمثل هذه الصناعة فرصة كبيرة لزيادة إيرادات السياحة وتطوير الترسانات المتخصصة في بناء وصيانة اليخوت.
دور الغرفة الصناعية في تطوير الصناعة
أنشأت غرفة الصناعات الهندسية شعبة خاصة بصناعة بناء وإصلاح السفن في يناير 2023، كخطوة نحو تنظيم هذا القطاع ودعمه. تهدف الشعبة إلى تعزيز التعاون بين الشركات العاملة في هذا المجال، وتنمية القدرات الفنية والتكنولوجية لهذه الشركات لمواكبة المعايير الدولية. كما تسعى الشعبة إلى ضم الشركات التي تعمل خارج الاقتصاد الرسمي للدولة إلى المنظومة القانونية، مما يسهم في تحسين جودة المنتجات وزيادة القدرة التنافسية على المستوى الدولي.
خلال السنوات القادمة، يُتوقع أن تشهد صناعة بناء السفن في مصر نموًا ملحوظًا، خاصة مع استمرار الحكومة في دعم القطاع الخاص وتذليل العقبات أمامه. كما أن تطور الموانئ وزيادة حركة التجارة البحرية عبر قناة السويس سيعملان كعامل محفز لتوسع هذه الصناعة، مما يفتح آفاقًا جديدة للشركات المصرية على الصعيدين المحلي والدولي.
للمزيد من الأخبار الاقتصادية واللحظية تابعنًا على صفحتنا على فيسيوك من هنا:
موقع الملخص الاقتصادي للأخبار هو منصة إلكترونية مصممة خصيصًا لتزويد المستخدمين بملخصات شاملة لأهم الأحداث الاقتصادية. التي تشهدها الأسواق العالمية والإقليمية.
ويهدف موقع الملخص الاقتصادي إلى توفير معلومات دقيقة وموجزة حول التطورات الاقتصادية، مما يسهل على القراء فهم الأحداث.