دعا الاقتصادي الشهير محمد العريان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للتركيز مجدداً على محاربة التضخم، وذلك بعد صدور تقرير الوظائف لشهر سبتمبر الماضي، والذي جاء بنتائج تفوق التوقعات. وأشار العريان، الذي يرأس كلية “كوينز” بجامعة كامبريدج، إلى أن هذه البيانات تؤكد أن “التضخم لم يمت بعد”، مشدداً على أن سوق العمل الأمريكية لا تزال قوية، رغم دخول الاقتصاد في مرحلة تراجع.
ارتفاع الوظائف غير الزراعية بشكل غير متوقع
تقرير الوظائف الصادر عن وزارة العمل الأمريكية كشف عن إضافة 254 ألف وظيفة في القطاعات غير الزراعية خلال شهر سبتمبر، وهو أعلى معدل نمو منذ ستة أشهر، ما أثار موجة من التفاؤل في الأسواق المالية ورفع عوائد السندات الأمريكية. هذا الارتفاع المفاجئ في عدد الوظائف جاء في وقت كان يتوقع فيه بعض المحللين تباطؤ التوظيف بسبب الضغوط الاقتصادية.
وأضاف العريان في حديثه لتلفزيون “بلومبرغ”: “هذه سوق عمل أقوى مما يبدو على السطح. إذا أخذنا هذه الأرقام دون تحليل معمق، فإننا نرى أن سوق العمل الأمريكية ما زالت صامدة رغم التراجع الاقتصادي الذي نمر به.”
ضرورة التصدي لضغوط السوق
وفي إشارة إلى موقف بنك الاحتياطي الفيدرالي، شدد العريان على أهمية مواجهة الضغوط التي تأتي من الأسواق المالية، والتي تدفع البنك نحو التركيز على تحقيق هدف وحيد وهو السيطرة على الأسعار. وقال: “كفانا حديثاً عن ضرورة الانشغال بتحقيق أقصى حد ممكن من التوظيف. على الفيدرالي أن يعزز جهوده في مكافحة التضخم.”
تأثير البيانات على توقعات الفائدة
بعد صدور بيانات التوظيف، قام المستثمرون بتقليص توقعاتهم بشأن تيسير السياسة النقدية من قبل الفيدرالي الأمريكي خلال شهري نوفمبر وديسمبر. وأظهرت البيانات أيضاً انخفاض معدل البطالة إلى 4.1% بشكل غير متوقع، بالإضافة إلى ارتفاع نمو الأجور السنوي إلى 4%.
يتوقع المتداولون الآن أن يقوم الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بحوالي 50 نقطة أساس قبل نهاية العام الجاري، مقارنة بتوقعات سابقة بخفض يصل إلى 60 نقطة أساس. ونتيجة لذلك، شهدت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل سنتين، والتي تعد حساسة لتغيرات أسعار الفائدة، ارتفاعاً قدره 15 نقطة أساس، حيث بلغت 3.86%.
تصحيح التوقعات المبالغ فيها
وفي تصريحاته، أوضح العريان أن هذه البيانات تساهم في تصحيح التوقعات المبالغ فيها التي كانت تنتظر تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة. وقال: “بالنسبة للأسواق، فإن هذا التصحيح يساعد في تقارب التحركات السوقية مع التوقعات الأكثر واقعية.” وأشار إلى أن هذا الاتجاه يعزز استقرار الأسواق المالية على المدى القريب.
خلفيات حول التضخم والسياسات النقدية
يتزايد القلق حول التضخم في الولايات المتحدة والعالم أجمع، خاصة مع بقاء الأسعار عند مستويات مرتفعة. على الرغم من أن الفيدرالي الأمريكي قد اتخذ عدة خطوات خلال العام الماضي للسيطرة على التضخم، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة بشكل متكرر، إلا أن التحديات الاقتصادية العالمية مثل اضطرابات سلاسل الإمداد والتوترات الجيوسياسية لا تزال تضغط على الأسواق وتؤثر على التوقعات الاقتصادية.
في ضوء هذه الظروف، تبقى السياسات النقدية التقييدية أداة أساسية في يد الفيدرالي لتحقيق استقرار الأسعار، وهو الهدف الذي يتطلب منه الحذر في التعامل مع تقلبات سوق العمل وأسواق المال، كما يؤكد العريان.
محمد العريان: خبير اقتصادي عالمي
محمد العريان هو اقتصادي مرموق، وُلد في نيويورك عام 1958 لأبوين مصريين. حصل على تعليمه العالي في جامعتي كامبريدج وأكسفورد. بدأ مسيرته المهنية في صندوق النقد الدولي، ثم شغل مناصب قيادية في شركات مالية كبرى مثل “سيتي جروب” و”بلاك روك”. شغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة “بيمكو”، وهي من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم. يشغل حالياً منصب مستشار اقتصادي في “أليانز” ورئيس كلية “كوينز” في جامعة كامبريدج.
يُعرف العريان بتحليلاته الاقتصادية الحادة، ويُلقب بـ”مستشرف الأزمات” نظرًا لتوقعاته الدقيقة حول الأزمات المالية. وهو كاتب رأي في “بلومبرغ” ومؤلف كتاب “اللعبة الوحيدة في المدينة”، الذي تناول فيه سياسات البنوك المركزية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.
للمزيد من الأخبار الاقتصادية واللحظية تابعنًا على صفحتنا على فيسيوك من هنا:
موقع الملخص الاقتصادي للأخبار هو منصة إلكترونية مصممة خصيصًا لتزويد المستخدمين بملخصات شاملة لأهم الأحداث الاقتصادية. التي تشهدها الأسواق العالمية والإقليمية.
ويهدف موقع الملخص الاقتصادي إلى توفير معلومات دقيقة وموجزة حول التطورات الاقتصادية، مما يسهل على القراء فهم الأحداث.