ارتفعت أسعار النفط يوم الثلاثاء على خلفية أخبار تحفيزات مالية جديدة من الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، إضافة إلى المخاوف المتزايدة من أن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط قد يؤثر على إمدادات النفط من هذه المنطقة الحيوية. كما أن التهديد الذي يشكله إعصار كبير متجه نحو الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، ساهم في دعم الأسعار.
ارتفاع أسعار خام برنت وغرب تكساس الوسيط
بحلول الساعة 0330 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت لشهر نوفمبر بنسبة 0.93%، ما يعادل 69 سنتًا، لتصل إلى 74.59 دولارًا للبرميل. وفي الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط (WTI) بنسبة 1.05% أو ما يعادل 74 سنتًا، لتصل إلى 71.11 دولارًا للبرميل.
على الرغم من الارتفاع الذي شهدته الأسعار اليوم، إلا أن كلا العقدين أغلقا على انخفاض يوم الاثنين، حيث سيطرت مخاوف الطلب على توجهات المستثمرين بعد صدور بيانات مخيبة للآمال عن نشاط الأعمال في منطقة اليورو واستمرار القلق بشأن استهلاك الوقود في الصين.
دعم الأسواق عبر الحوافز المالية الصينية
قال توني سيكامور، المحلل في IG للأسواق، إن خام غرب تكساس الوسيط قد ارتفع هذا الصباح بعد إعلان الصين عن تخفيض أسعار الفائدة الأساسية. وعلق قائلاً: “لقد كانت سوق النفط تترقب بشدة إجراءات التخفيف المالي من السلطات الصينية لمواجهة التباطؤ الاقتصادي”. وأضاف أن هذه الخطوة ستساعد في إزالة بعض المخاطر الهبوطية التي كانت تضغط على أسعار النفط في الأسابيع الماضية.
أعلنت الصين يوم الثلاثاء عن حزمة تحفيزية واسعة النطاق لدعم الاقتصاد الذي يواجه ضغوطًا قوية من التضخم المفرط. وشملت هذه الحزمة خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك بنسبة 50 نقطة أساس، إلى جانب تخفيضات أخرى في معدلات الفائدة الأساسية.
وأشار حاكم البنك المركزي الصيني، بان غونغشنغ، إلى أن هناك خططًا لتقديم المزيد من تخفيف السياسات في وقت لاحق من هذا العام. تأتي هذه الإجراءات في وقت تسعى فيه الحكومة الصينية إلى تنشيط سوق العقارات ودعم القطاعات الحيوية، مثل الأجهزة الكهربائية والسيارات، التي تعتمد بشكل كبير على استهلاك النفط.
الاضطرابات في الشرق الأوسط وزيادة المخاوف بشأن الإمدادات
إلى جانب الحوافز المالية، فإن التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، وهي منطقة رئيسية لإنتاج النفط، لعبت دورًا كبيرًا في رفع الأسعار. فقد أعلنت إسرائيل يوم الاثنين عن شن غارات جوية على مواقع تابعة لحزب الله في لبنان، وهو ما أسفر عن مقتل 492 شخصًا وفقًا للسلطات اللبنانية، في أكثر الأيام دموية للبلاد منذ عقود.
تعود الاشتباكات بين حزب الله، الجماعة المدعومة من إيران، وإسرائيل بعد أن انفجرت آلاف الأجهزة اللاسلكية والصفارات التي يستخدمها أعضاء الحزب الأسبوع الماضي، وهو الحادث الذي ألقي باللوم فيه على إسرائيل. هذا التصعيد المتزايد في الصراع يثير قلقًا بين المتداولين في أسواق النفط، حيث أن أي تفاقم للأوضاع في الشرق الأوسط يمكن أن يؤدي إلى تعطل كبير في الإمدادات النفطية.
في هذا السياق، قالت ANZ Bank في مذكرة: “سوق النفط يشعر بالقلق من أن التوترات المتزايدة في المنطقة تدفع أحد منتجي النفط في أوبك إلى الاقتراب من الدخول في الصراع”، في إشارة إلى إيران.
الإعصار يهدد الإنتاج النفطي في خليج المكسيك
إلى جانب العوامل الجيوسياسية، يلعب الطقس أيضًا دورًا هامًا في تحركات السوق. إذ تترقب الأسواق تطورات الطقس في خليج المكسيك، حيث من المتوقع أن يضرب إعصار كبير المنطقة في نهاية الأسبوع. وقد بدأ المنتجون الأمريكيون يوم الاثنين في إجلاء الموظفين من المنصات النفطية في خليج المكسيك، وهو ما يعتبر الثاني من نوعه خلال أسبوعين فقط، حيث كان إعصار كبير قد مرّ بالمنطقة مؤخرًا، مما يهدد الإنتاج البحري للنفط.
وفقًا لتوقعات الأرصاد الجوية، فإن منطقة ساحل الخليج الأمريكي مهددة بتعرضها لإعصار آخر قوي قد يؤدي إلى تعطل الإنتاج بشكل كبير في الحقول البحرية التي توفر جزءًا هامًا من إنتاج النفط الأمريكي.
الإنتاج الأمريكي وتوقعات التعافي بعد الإعصار
غالبًا ما تؤدي الأعاصير التي تضرب خليج المكسيك إلى تعطيل إنتاج النفط البحري بشكل مؤقت، إذ تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على إنتاج النفط من هذه المنطقة الحيوية. وفي ظل التهديد الحالي، اضطرت عدة شركات نفطية إلى إيقاف الإنتاج في بعض المواقع احترازًا من الأضرار المحتملة.
ومع ذلك، تُظهر الأسواق مرونة في استيعاب هذا النوع من الاضطرابات، حيث تعود منصات الإنتاج إلى العمل بسرعة بعد مرور الأعاصير، مما يساعد على استقرار الإمدادات على المدى الطويل. لكن في المدى القريب، يمكن أن يؤدي أي توقف في الإنتاج إلى زيادة فورية في الأسعار بسبب التوقعات بانخفاض الإمدادات.
مخاوف الطلب والتأثيرات المحتملة على السوق
على الرغم من العوامل الجيوسياسية والطقسية التي ترفع أسعار النفط، لا تزال هناك مخاوف بشأن تراجع الطلب على النفط في بعض المناطق، مثل أوروبا. فقد أظهرت البيانات الأخيرة حول نشاط الأعمال في منطقة اليورو تباطؤًا أكبر من المتوقع، مما يزيد من مخاوف الركود الاقتصادي ويقلل من الطلب على الوقود.
وفي الصين، رغم التحفيزات المالية، لا يزال هناك بعض القلق بشأن استهلاك الوقود، حيث تواصل الحكومة الصينية مواجهة تحديات اقتصادية، بما في ذلك ضعف سوق العقارات وارتفاع التضخم. هذه العوامل قد تضغط على الطلب على النفط في الصين، وهو ما يشكل تحديًا للمنتجين والمستثمرين.
توقعات السوق في الفترة المقبلة
بناءً على هذه العوامل، يتوقع المحللون أن تظل أسعار النفط متقلبة في المستقبل القريب. في حال استمرت التوترات في الشرق الأوسط أو تطور الوضع الجوي في خليج المكسيك إلى إعصار خطير، فإن الأسعار قد تشهد ارتفاعات إضافية. وفي المقابل، إذا تمكنت التحفيزات الاقتصادية في الصين من تنشيط الطلب بشكل ملحوظ، فقد نرى استقرارًا في الأسعار على المدى المتوسط.
لكن يبقى العامل الأساسي الذي قد يحدد اتجاهات السوق في الفترة المقبلة هو الطلب العالمي، خاصة في الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم. فإذا تعافت الاقتصادات بشكل أسرع من المتوقع، فإن ذلك سيعزز الطلب على النفط ويدفع الأسعار للارتفاع.
للمزيد من الأخبار الاقتصادية واللحظية تابعنًا على صفحتنا على فيسيوك من هنا:
موقع الملخص الاقتصادي للأخبار هو منصة إلكترونية مصممة خصيصًا لتزويد المستخدمين بملخصات شاملة لأهم الأحداث الاقتصادية. التي تشهدها الأسواق العالمية والإقليمية.
ويهدف موقع الملخص الاقتصادي إلى توفير معلومات دقيقة وموجزة حول التطورات الاقتصادية، مما يسهل على القراء فهم الأحداث.